شهد الأستاذ الدكتور طارق غلوش، نائب رئيس جامعة المنصورة لشئون الدراسات العليا والبحوث، انطلاق فعاليات "يوم التحوّل الريادي: من البحث إلى الشركات الناشئة"، التي أقيمت بالقاعة الكبرى بمبنى الإدارة العامة، تحت رعاية الأستاذ الدكتور شريف خاطر، رئيس جامعة المنصورة، وسط حضور رسمي وأكاديمي رفيع المستوى، وذلك في إطار استراتيجية الجامعة لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال، ودعم منظومة نقل التكنولوجيا.
وقد شهدت الفعاليات حضور كوكبة من القيادات والشخصيات البارزة، ضمت الدكتور حسام عثمان، نائب وزير التعليم العالي للبحث العلمي والابتكار، والدكتورة رشا شرف، الأمين العام لصندوق دعم التعليم بمجلس الوزراء، والأستاذ الدكتور أحمد أمين حمزة، رئيس جامعة المنصورة الأسبق، والأستاذ الدكتور محمد عطية البيومي، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، والأستاذ الدكتور محمد عبد العظيم، نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور محمد عبد الكريم، مساعد وزير الصناعة الأسبق، إلى جانب لفيف من نواب رئيس الجامعة السابقين، وعمداء الكليات، والخبراء، ورواد الأعمال.
بدأت الفعاليات بافتتاح معرض الشركات الناشئة والابتكارات، الذي ضمَّ نماذج مبتكرة ومشاريع طلابية وشركات واعدة من داخل الجامعة وخارجها.
وخلال كلمته، أعلن الأستاذ الدكتور شريف خاطر، رئيس الجامعة، عن حزمة غير مسبوقة من الجوائز الكبرى لدعم هذه المنظومة، والتي تُطرح لأول مرة على مستوى الجامعات المصرية؛ حيث شملت "جائزة جامعة المنصورة لأفضل ثلاث شركات ناشئة" لخريجي الجامعة بقيمة إجمالية 1.2 مليون جنيه (500 ألف للمركز الأول، و400 ألف للثاني، و300 ألف للثالث)، بالإضافة إلى إطلاق "جائزة أفضل ثلاثة مشاريع بحثية طلابية قابلة للتطبيق" بجوائز قيمتها 600 ألف جنيه، فضلًا عن قرار سيادته بتعيين الدكتور محمد عبد الخالق مستشارًا لرئيس الجامعة لريادة الأعمال والابتكار.
وأكَّد الدكتور شريف خاطر، خلال كلمته، أن دعم الابتكار وريادة الأعمال داخل الجامعة لم يعد خيارًا، بل أصبح ضرورة تتماشى مع توجهات الدولة لبناء اقتصاد معرفي تنافسي. وأشار إلى أن توفير آليات تمويل مشاريع البحث العلمي والشركات الناشئة يمثل ركيزة أساسية لنجاح أي منظومة ابتكارية، موضحًا أن إنشاء صناديق جامعية أو مجتمعية لتمويل الأبحاث التطبيقية والشركات المنبثقة عنها، إلى جانب تعزيز التعاون مع المستثمرين وروّاد الأعمال ورجال الصناعة، يوفر بيئة داعمة قادرة على مساندة هذه الشركات في مراحلها الأولى.
وأضاف أن الجامعة تتبنى رؤية واضحة تجعل الابتكار جزءًا أصيلًا من استراتيجيتها؛ بحيث تتحول الأفكار البحثية إلى مشاريع اقتصادية، وتتحول مخرجات العلم إلى شركات متنامية قادرة على المنافسة، مؤكدًا أن تحقيق اقتصاد المعرفة يستلزم منظومة متكاملة تستثمر في العقول، وتضع الشباب والباحثين في صدارة أولوياتها.
وخلال كلمته في الجلسة الافتتاحية، أكد الأستاذ الدكتور طارق غلوش أن جامعة المنصورة تتبنى رؤية استراتيجية طموحة لقطاع الدراسات العليا تقوم على الدمج الفعلي بين البحث العلمي والابتكار والصناعة. وأشار سيادته إلى أن تصدر الجامعة لمؤشرات الابتكار والصناعة في تصنيف "تايمز" 2025 لم يأتي من فراغ، بل يعكس نجاح الجامعة في تغيير الثقافة البحثية من مجرد "نشر أكاديمي" و"شهادات" إلى نجاحات حقيقية تمثلت في شركات ناشئة عالمية خرجت من معامل الجامعة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتصنيع المستدام وتكنولوجيا المناخ. وشدد "غلوش" على أن الهدف الاستراتيجي للقطاع هو تحويل الأبحاث إلى منتجات قابلة للاستثمار تخلق فرص عمل، داعيًا رجال الصناعة ورواد الأعمال لتعزيز الشراكات مع الجامعة، والاستفادة من بنيتها البحثية المتطورة لتحقيق نموذج رائد للاقتصاد القائم على المعرفة.
واستعرض الدكتور حسام عثمان، خلال كلمته، الدور المحوري الذي تضطلع به الدولة في تمكين منظومة الابتكار الوطنية، مؤكدًا أن الربط بين البحث العلمي والاقتصاد المعرفي أصبح ركيزة أساسية لدعم تنافسية الاقتصاد المصري، وإتاحة الفرصة أمام الباحثين لتحويل أفكارهم إلى شركات ناشئة ذات أثر تنموي. وأشار إلى أن الدولة تمضي بخطوات واضحة نحو ترسيخ سياسة وطنية متكاملة للابتكار المستدام، تُعَدُّ الأولى من نوعها في مصر، وتهدف إلى تعزيز القدرات الابتكارية لمؤسسات التعليم العالي، وتحسين بيئة الأعمال، وتنويع مصادر التمويل، بما يضمن تحقيق عوائد اقتصادية مباشرة من مخرجات الابتكار.
كما أكَّد أهمية مبادرة "تحالف وتنمية" بوصفها إطارًا رئاسيًّا داعمًا لدمج المؤسسات التعليمية في خطط التنمية الإقليمية، عبر مشاريع تطبيقية تعكس احتياجات كل إقليم وتستثمر قدراته، مستعرضا السياسة الوطنية للابتكار المستدام، والتي أطلقتها وزارة التعليم العالي بداية العام الحالي ضمن الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي. أن هذه السياسات والمبادرات تمثل نقلة نوعية في دعم الموهوبين والمبتكرين، وتهيئة بنية مؤسسية قادرة على تحويل الأبحاث إلى منتجات وخدمات حقيقية، مع تعزيز ريادة الأعمال داخل الجامعات والمعاهد، باعتبارها مسارًا رئيسيًّا لتحقيق رؤية مصر 2030 وبناء اقتصاد معرفي تنافسي.
وقدمت الدكتورة رشا شرف عرضًا بعنوان «إصلاح التعليم من أجل اقتصاد قائم على المعرفة»، أوضحت خلاله دور صندوق دعم التعليم في تشكيل مستقبل القوى العاملة، من خلال بناء بيئة تعليمية متطورة تعمل على دعم مهارات الابتكار والتكنولوجيا وريادة الأعمال، بما يعزز قدرة المؤسسات التعليمية على مواكبة متطلبات الاقتصاد الحديث.
وأكَّدت أن مصر حققت خلال عام واحد فقط قفزة نوعية غير مسبوقة في التدريب التكنولوجي؛ إذ انتقلت من المركز الثاني عشر عالميًّا في العام الماضي إلى المركز الثاني عالميًا بعد الهند في الربع الحالي من عام 2025، متصدّرةً أفريقيا والعالم العربي. وأرجعت هذا التقدم إلى جهود صندوق تطوير التعليم ومبادراته المشتركة مع وزارات التعليم العالي والتربية والتعليم والاتصالات، وبالتعاون مع شركة "سيسكو" العالمية.
وأضافت أن المبادرة نجحت في تدريب أكثر من مئة وثلاثين ألف متدرّب خلال شهرين فقط في تخصصات تكنولوجية عالية الطلب عالميًّا، مشيرةً إلى أنه سيتم إطلاق رابط للتقديم للمرحلة الثانية من المبادرة، الممولة بالكامل من صندوق تطوير التعليم بالشراكة مع "سيسكو"، والممتدة حتى إجازة نصف العام، لتتيح ستمئة منحة جديدة وجوائز إضافية للطلاب المتميزين، على أن تُخصَّص نسبة لصالح جامعة المنصورة.
كما أعلنت الدكتورة رشا شرف عن دعم الصندوق لأحد المشاريع المشاركة في المعرض المصاحب لفعاليات اليوم، وهو مشروع "Green Spirit"، وهو مشروع ناشئ تم تطويره بدعم من أكاديمية البحث العلمي، ويقوم على تصنيع ماكينة لتحويل وتدوير الورق إلى سماد عضوي، بوصفه نموذجًا مبتكرًا يعكس التكامل بين البحث العلمي والاحتياجات البيئية والتنموية.
وشهد الافتتاح تكريم الدكتور حسام عثمان، والدكتورة رشا شرف، والدكتور محمد عبد الكريم، إلى جانب تكريم عدد من روّاد الأعمال والجهات الداعمة لمنظومة الابتكار.
وتضمّن البرنامج عرض مجموعة من قصص النجاح لأبناء جامعة المنصورة في عالم ريادة الأعمال، أعقبَه انعقاد الجلسة النقاشية الأولى بعنوان «من جامعة المنصورة إلى عالم الاستثمار الريادي»، بمشاركة نخبة من روّاد الأعمال وخريجي الجامعة الذين نجحوا في تأسيس شركات ناشئة.
كما عُقدت الجلسة النقاشية الثانية بعنوان «تعاون الجامعة والصناعة والشركات الناشئة»، بمشاركة خبراء من قطاعات الصناعة والجامعات والأكاديميات؛ لمناقشة آليات تطوير التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الصناعي والشركات الناشئة.
اللغة العربية
English 